زينة الحياة الدنيا : من أعداد / أبوعبادي .
----------------------------------------------
قال تعالي :
"الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا " (46الكهف)
ولذا أباح الله للأنسا ن أن يبحث عن الما ل ويقتنيه بشرط أن يكون طريق الحصول عليه مشروعا لا ستغلا ل فيه ولا احتكار ولا اغتصاب لحق أحد ولا استيلا ء علي مال الغير فأذا التزم الأنسان بما أمره الله به في طريق الحصول علي المال فقد أدي أحد
الوا جبين المطلوبين أزاء المال .
وهل هنا ك واجب أخر ؟
نعم ..
وهو عدم الأسراف والتبذير لأن الأنفاق أكثر من الا زم ترف والترف من أكبر العوامل التي تؤثر علي الفرد والمجتمع فتحول حياتهما في الدنيا ألي جحيم أن عاجلا أو أجلا وفي الأخرة ألي عذاب النار وبئس المصير .
ذلك أن صاحب المال لا يملك التصرف المطلق في ماله بل تحكمه ضوابط ألا وهي أن للأمة حقا فيه فهي صا حبة المال وراء كل مالك ولهذا أعطي الأسلام لها الحق في الحجر علي السفيه الذي يتلف ماله لأنها صاحبة الرقابة ألي الصرف للأموال وتوجيهها الوجهة التي يكون فيها الخير للفرد والجماعة يقول الله تعالي " وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (النساء5) .
فهو يخاطب الأمة بقوله " وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ" مع أنها في الظاهر ليست أموالهم بل هي أموال من يملكها ولكنه أضافها ألي الأمة لأن لها الحق في الرقابة عليه .
أن الا سلام يحافظ علي الفرد كما يحافظ علي الأمة فما يب شره الفرد ينبغي أن لا يلحق الضرر با لأمة فأن لحقها ضرر مما يفعل يمنع منه ولو كان ظاهر الأمر أنه يتصرف فيما يملك ولما كان الأسراف والتبذير يضر بالفرد كما يضر بالأمة حذر الله سبحانه وتعالي منه في أكثر من أية فقال تعالي " يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31الاعراف) وقال سبحانه وتعالي " إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا" (الا سراء27) كما حذر من أضاعة المال ولو لم يكن في ذلك ضرر علي الشخص نفسه بل حتي ولو كان الأنفاق في سبيل الخير العام لأن أضاعة المال أن كان في اللهو والفسوق فقد دمر الأنسان نفسه
(2)
وأسهم في تدمير مجتمعهوأن كان في الصدقة فسوف يترك عياله فقراء يتكففون الناس ولذلك يقول الأمام الزمخشري فب تفسير قوله تعالي : " وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219البقرة) أن الله تعالي أدب الأنسان في الأنفاق فقال للنبي صلي الله عليه وسلم " وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا "(الأسراء27) .
وقال تعالي " وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا " (29الأسراء) وقال في وصف عباد الرحمن " وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67الفرقان) وقال صلي الله عليه وسلم " اذا كان عند أحدكم شيء فليبدأ بنفسه ثم بمن يعول ...وهكذا ...وهكذا ...وقال صلي الله عليه وسلم " خير الصدقة ماأبقت غني " وعن جابربن عبدالله رضي الله عنه قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلي الله عليه وسلمأذ جاءه رجل بمثل البيضة من ذهب فقال يلرسول الله خذها صدقة فوالله لا أملك غيرها فأعرض عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم أتاه من بين يديه فأخذها منه ثم قذفه بها بحيث لو أصابته لأوجعته وقال : هاتفا مغضبا " يأتيني أحدهم بما له لا يملك غيره ثم يجلس يتكفف الناس أنما الصدقة عن ظهر غني خذها لا حا جة لنا بها " . فالأنفاق الكثير هو التبذير والتقليل جدا هو التقتير والعدل الفضيلة وهوالمراد من قوله تعالي " قل العفو" ومراد شريعة الأسلام هو رعاية هذه الحقيقةلأن تبديد المال عاقبته وخيمة في الدنيا فهوذل واستعبادوتشريد للأهل والأولاد وفي الأخرة عذاب جهنم وحسبنا ما ورد في القرأن الكريم من أن الله تعالي لا يحب المسرفين ولا يحب المترفين ومن لا يحبه الله لا ينال أجرا في الأخرة ويكون مع الذين غضب الله عليهم فأدخلهم نارا وقودها الناس والحجارة فمن عرف هذا ثم أسرف في ماله وأتلف يكون يكون أنسانا تنكب الطريق السوي في الدنيا والأخرة اللهم اهدنا طريقك المستقيم . ,
---------------------------------------
أعداد أبوعبادي .
------------------------
( محاضرات في علم الخطابة ص 289 : 292( بتصرف مني .)
تأليف : د/ محمد عبد الغني شامة - جامعة الا زهر بالقاهرة .)